وفى عام 332 ق.م وقعت مصر تحت سيطرة الاغريق بعد أن فتحها الاسكندر المقدونى وضمها الى امبراطوريته , وقد ابقى البطالمة على القوانين المصرية القديمة ولكنها تطبق على المصريين دون غيرهم , أما الاغريق الذين استوطنوا مصر فى العصر الفرعونى والذين نزحوا اليها فيما بعد فكانوا يخضعون للقوانين الاغريقية طبقا لمبدأ شخصية القوانين الذي ساد فى الدولة القديمة , وقد نتج عن المعايشة المشتركة للقوانين المصرية والاغريقية أن حدث تفاعل بينهما فأثر كل منهما فى الآخر وتأثر به , مما أدى فى نهاية الأمر الى ظهور قانون مشترك بين المصريين والاغريق اصطلح الفقهاء على تسميته بالقانون المصرى الإغريقى , وفى عام 31 ق.م خضعت مصر للامبراطورية الرومانية وقد اقتفى الرومان أثر البطالمة , فأبقوا على القانون المصرى الإغريقى لكى يطبق على المصريين والاغريق , أما الرومان الذين استوطنوا مصر فكان يطبق عليهم القانون الرومانى , وقد تأثر القانونان ببعضهما مما أدى الى ظهور قانون مختلط أصطلح على تسميته بالقانون المصرى الرومانى .
وفى عام 212 ق.م أصدر الامبراطور كراكلا caracalla دستورا منح بمقتضاه الجنسية الرومانية لكل سكان الامبراطورية , وقد ترتب على ذلك أن اصبحت السيادة فى كل الولايات الرومانية للقانون الرومانى دون غيره من القوانين المحلية .
وفى منتصف القرن السادس الميلادى قام الامبراطورجستنيان( 527-565 م) بتجميع القوانين الرومانية , ولم يكن نشاط هذا الامبراطور قاصرا على تقنين القواعد القانونية القديمة فقط , وانما تناول تعديل بعض النظم القانونية طبقا لما دعت اليه حالت التطور على الأخص فى السلطة الأبوية والزوجية والميراث وبعض الحقوق العينية وفى نقل الملكية ويلاحظ أنه قد تأثر فى اجراء هذه التعديلات بالعادات المحلية التى كانت سائدة فى مصر وغيرها من الولايات الشرقية لامبراطورية الرومانية .
وقد انقطعت صلة مصر تماما بالامبراطورية الرومانية , ومن ثم بالقانون الرومانى عام 641 ميلادية عندما تمكن عمروبن العاص من فتح مصر .
ومنذ ذلك التاريخ دخلت مصر عهدا جديدا , اذ أصبحت دولة اسلامية وتخلت عن قانونها ودينها ولغتها وطبقت الشريعة الاسلامية واعتنقت الاسلام وتكلمت اللغة العربية , وقد استمرت الشريعة الاسلامية تطبق فى مصر باعتبارها الشريعة العامة حتى أواخر القرن التاسع عشر , حيث قضت الظروف السياسية اخضاع مصر من جديد للقوانين الوضعية : القوانين المختلطة ابتداء من عام 1875 , والقوانين الآهلية ابتداء من عام 1883 المقتبسة عن القوانين الاوربية ولاسيما القوانين الفرنسية , ومن هنا فقد قرر العلماء فى ثقة واطمئنان على أن القانون المصرى الحالى يعتبر ثمرة غير مباشرة لقانوننا المصرى القديم .
فالقانون المصرى القديم قد تفاعل مع الرومانى وترك بصماته واضحة على نصوصه ونظمه لدرجة أن كثيرا من النظم الرومانية تعدلت تحت تأثير القانون المصرى , وكانت مجموعات جستنيان هى المصدر الذى استقى منه المشرع الفرنسى علم 1804 مبادئه ونظرياته .
وفى نهاية القرن التاسع عشر وخلال القرن العشرين استلهم المشرع المصرى من القانون الفرنسى كثيرا من مبادئه وقواعده القانونية .
عصور تاريخ القانون المصرى:
ويتبين لنا هنا أن القانون المصرى قد مر بأربع عصور هى:
العصر الفرعونى: ويبدأ بتوحيد البلاد على يد الملك مينا حوالى عام 3200 ق.م وينتهى عام 332 ق.م
العصر البطلمى أو الإغريقى : ويبدأ بفتح الاسكندر الأكبر لمصر وضمها الى امبراطوريته عام 332 ق.م وينتهى عام 31 ق.م
العصر الرومانى : ويبدأ عام 31 ق.م حيث هزم الاسطول الرومانى بقيادة " أوكتافيوس"
( الذى سمى فيما بعد بامبراطور اغسطس) الأسطول المصرى بقيادة كليوباتره وحليفها انطونيوس فى موقعة اكتيوم , وينتهى عام 641 م
العصر الإسلامى : ويبدأ بفتح عمرو بن العاص لمصر عام 641 م ويمتد حتى أواخر القرت التاسع عشر